×

ما حكم توريث مقابر الأجداد للأبناء والأحفاد؟.. الإفتاء تجيب

ما حكم توريث مقابر الأجداد للأبناء والأحفاد؟.. الإفتاء تجيب
ما حكم توريث مقابر الأجداد للأبناء والأحفاد؟.. الإفتاء تجيب

حكم توريث مقابر الأجداد، أحكام الميراث. ورد إلى دار الإفتاء سؤال يقول: هل تعتبر قبور الأجداد ميراثا منهم ليورث لأبنائهم وأحفادهم من بعدهم؟

من مظاهر تكريم الإسلام للإنسان بعد موته

من جهتها، قالت دار الإفتاء إن من مما أكرم الله عز وجل الإنسان به وفضله على سائر المخلوقات أنه خلق له بعد موته قبرا يختبئ فيه، وملجأ فيه سوف يختبئ. للحفاظ على حرمتها والحفاظ على سلامتها، فلا تنتشر رائحتها، أو تهجم عليها حيوانات مفترسة أو مفترسة، أو ينقبها سارق، أو ينتهكها معتدٍ. قال الله تعالى: “” منها خلقناكم وفيها نعيدكم ومنها نخرجكم تارة أخرى”.” [طه: 55]وقال الله تعالى شاكراً: “ألم نجعل الأرض سطحاً للأحياء والأموات؟” [المرسلات: 25-26]وقال الله تعالى: “ثم أماته فدفنه”. [عبس: 21].

اقرأ أيضًا: حكم صيام ليلة الإسراء والمعراج

حالات وراثة قبور الأجداد للأبناء والأحفاد

ويختلف حكم قبور الأجداد بالنسبة للأبناء والأحفاد باختلاف حالتهم ومظهرهم. لأن بعض القبور للملكية، وبعضها مؤتمن على صاحبها، وبعضها للاستخدام. هذا يفسر كالتالي:

الحالة الأولى: إذا كان القبر لميت ولم يدفن فيه أحد

أولاً: إذا كان موضع القبر ملكاً للميت ولم يدفن فيه أحد من قبل، ولا حتى الميت نفسه، واختار جميع الورثة بيعه قبل الدفن فيه وعدم الاحتفاظ به، أو إذا كان كان شيئاً معداً للبيع ولم يدفن فيه أحد أيضاً – فثمنه إذن تركة من الميت ويعامل معاملة التركة، ويقسم هذا الثمن على الورثة، كل حسب نصيبه المقرر له شرعاً؛ لأنه في هذه الحالة لا يتجاوز كونه مالاً، فهو جزء من التركة كلها. لأن التركة هي ما “تركه الميت من مال، خاليا من تعلق حق غيره في قدر معين من المال”، كما عرفها الإمام ابن عابدين الحنفي في “رد المحتار” (6). /759 ط دار الفكر) نقلا عن “شرح السراجية” وعرّفه الإمام. قال شمس الدين الحطاب المالكي في “مواهب الجليل” (6/ 406 ط دار الفكر) أنه: “ميراثه، وهو الميراث، وعرفه بعضهم: أنه” “هو حق قابل للقسمة يثبت لمستحقه بعد وفاة صاحبه لوجود قرابة بينهما أو ما يشبه ذلك.” وقد عرّفه الإمام أبو البقع الدميري الشافعي في “النجم الوهاج” (6/111 ط دار المنهاج) بأنه: كل شيء “تركه الموتى”، وقال الإمام أبو وقد عرّفه السعدات البهوتي الحنبلي في “شرح منتهى الإرادات” (2/ 499 ط عالم الكتب) بأنه : “الحق المتروك من الأموات”.

ويعتمد هذا الوضع على عدم وجود عرف أو عرف صارم في هذا الأمر، بحيث أنه إذا عرف سلوك معين، مثل تخصيص هذا القبر لشخص معين أو الاحتفاظ به للدفن فيه دون بيعه، فيتبع هذا العرف ; لأنه مصدر من مصادر التشريع، كما سيأتي.

اقرأ أيضًا: حكم إطالة الإمام في الركوع 

اقرأ أيضًا: حكم الاحتفال بليلة الاسراء والمعراج

الحالة الثانية: إذا كان القبر للميت ودفن فيه

ثانياً: إذا كان القبر للميت ودُفن فيه فهو وقف على المدفونين فيه، كما نص عليه المالكية، وهذا مقتضى المذهب الحنفي والشافعي والحنابلة. إذ قالوا: لا فائدة ولا تصرف في القبر إلا بعد أن يبلى جسد الميت ولا يبقى منه شيء. ومنها، كما نصوا على أنه إذا اهتأت جثة الميت، جاز التصرف في موقع القبر، والاستفادة منه بدفن الآخرين فيه، وكذلك في سائر الاستخدامات والتصرفات الأخرى.

قال الإمام ابن الحاج المالكي في “المدخل” (2/18-19 ط دار التراث): [العلماء رحمة الله عليهم قد اتفقوا على أن الموضع الذي دُفن فيه المسلم وقفٌ عليه ما دام منه شيءٌ ما موجودًا فيه حتى يفنى، فإذا فني حينئذ يدفن غيره فيه، فإن بقي شيء ما من عظامه فالحرمة قائمة كجميعه] أوه. انظر: “البناء” للإمام بدر الدين العيني الحنفي (3/ 253 ط دار الكتب العلمية)، “المجموع” للإمام النووي الشافعي. (5/ 303، ط دار الفكر)، و “المغني” للإمام ابن قدامة الحنبلي (2/ 413، ط مكتبة القاهرة)، و “الإنصاف” للإمام علاء الدين الحنبلي. – المرداوي الحنبلي (2/552-553 ، ط دار إحياء التراث العربي).

وإذا ثبت أن القبر حبس لصاحبه ووقف عليه حتى يبلى، فقد اشترط الأئمة -بل وأجمع بعضهم- على أن الوقف إذا صح سقط الوقف عنه. ملك صاحبه، كما في “فتح القدير” للإمام كمال الدين ابن الهمام (6/ 210، ط دار الفكر)، و”البحر الرائق” للإمام زين العلي. -الدين ابن نجيم (5/221 ط دار الكتاب الإسلامي) وعليه: ما دام القبر أمانة عند صاحبه فإنه يخرج من ملكه، وبالتالي لا يكون ميراثا له. ولا يمكن التخلص منها. فيه ما بقي منه شيء.

فإذا اعترض على ذلك ما يحدث في بلادنا، من أن يكون موقع القبر الواحد (الفساكي) لعائلة واحدة، فيدفن فيه الأجداد والآباء والأبناء جيلا بعد جيل، وهو أمر ليست محفوظة لأي شخص معين.

ويقال إن هذا الحكم قد تغير عن الأصل؛ مع مراعاة الضرورة المتمثلة في عدم إمكانية تخصيص قبر منفصل لكل شخص بحيث لا يدفن معه أحد آخر، ومن هذا المنطلق أجاز العلماء دفن أكثر من شخص في الفسقي – بحسب قول. والفصل بينهم في شروط ذلك – وعلى هذا وغيره من الاعتبارات كان لخلفاء هؤلاء الموتى حق الانتفاع والتخصص. لا ملكية لهذه القبور.

الفرق بين الملكية والولاية القضائية؛ الملكية تتعلق بالأشياء والمنافع، وأما التخصص فلا يكون إلا من حيث المنافع، وباب التخصص أوسع، فيعطى صاحب الحق حق الانتفاع به والتصرف فيه، مع منع غيره. من منافسته أو مهاجمته، كما في “المنثور في القواعد” للإمام بدر الدين الزركشي (3/ 234، ط أوقاف الكويت)، “”القاعد” للحافظ” – الحافظ ابن رجب (ص192-193، ط دار الكتب العلمية)، و “الأشباه والنظائر” للحافظ السيوطي (ص316، ط دار العلم). الكتب العلمية).

وأما تحديد الخلفاء الذين يتحملون مسؤولية الدفن في هذه المقابر من الفروع، فإن العلماء السابقين لم يتناولوا مثل هذه المسألة، لما سبق بيانه، من أنهم يعتبرون القبر أمانة لصاحبه على وجه الخصوص، ولصالحه. ولهذا السبب فإن تنظيم أمر المختصين بالدفن في قبور الآباء والأجداد ليس إلا عرفاً. ومن ذلك ما جرى العرف به من أن المستفيد من الدفن في مقبرة الأصل هم ذريتها الذكور وإن نزلوا، ونسل الإناث ما لم تتزوج. وإذا تزوجت فلها الخيار بين أن تدفن في قبور زوجها أو أبيها، وأما أولادها فيدفنون في قبور آبائهم، وهذا هو السائد في مصرنا. إذا كانت بعض العادات تعطي الحق لأولاد البنات أو غيرهم في الدفن، فإن هذا الحق يثبت لهم بالعرف الذي يحدده، وفي هذه الحالة لا يحق لأحد أن يمنعهم من هذا الحق، وإذا عرف غير ذلك، فهو صالح أيضًا.

وقد تقرر شرعاً أن تطبيق العرف والرجوع إليه في الأمور التي تمس العلاقات الاجتماعية أفضل من إهماله. لأنه الأنسب لحالة البلد والعباد، فينبغي مراعاة ذلك مع مراعاة المكان والأشخاص، وما جرت العادة في مسألة المستفيدين، أو ما تم الاتفاق عليه بين عائلة واحدة أو أسر مشتركة في هذا الشأن لأن العرف معتبر في العقود، والمعروف كالشرط المشترط، وذلك العرف مصدر من مصادر التشريع الإسلامي، ما لم يتعارض مع نص من الكتاب أو السنة أو الإجماع، إذ هناك ولا اجتهاد مع النص. قال الله تعالى: “خذ العفو وأمر بالمعروف”. [الأعراف: 199].

وجاء في الرواية عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه: «ما رآه المسلمون حسنًا فهو عند الله حسن، وما رآه المسلمون سيئًا فهو عند الله شر». رواه الإمام أحمد والطيالسي في “مسنديهما”.

قال الإمام البيضاوي في “أنوار التنزيل” (3/ 46 ط دار إحياء التراث) في تفسيره للآية الكريمة : [المعروفُ: المستحسَن مِن الأفعال] أوه.

قال الإمام ابن عجيبة في “البحر المد” (2/ 297 ط دار الكتب العلمية): [﴿وَأْمُرْ بِالْعُرْفِ﴾ أي: المعروف، وهو أفعال الخير، أو العرف الجاري بين الناس، واحتج المالكية بذلك على الحكم بالعرف الذي يجري بين الناس] أوه.

وقال الإمام ابن عابدين في “أرجوزة عوض رسم المفتي” – كما في “رد المحتار” (3/ 147) :

[وَالْعُرْفُ فِي الشَّرْعِ لَهُ اعْتِبَارُ      لِذَا عَلَيْهِ الْحُكْمُ قَدْ يُدَارُ] أوه.

الحالة الثالثة: إذا كان القبر مملوكاً للدولة وقد خصص للدفن للاستعمال

ثالثاً: إذا كان مكان القبر مملوكاً للدولة، ثم خصص للدفن منفعة لا تمليكاً، فلا يكون ميراثاً من الميت؛ لأنها ليست مملوكة له في الأصل، ولكن حق الانتفاع بها بالدفن يثبت له بالعقد المبرم بينه وبين الدولة، وبالتالي لا حق لورثته سوى الانتفاع، وتحديد المنتفعين أو المتصرفين فيها. وهذا القبر مع حق الانتفاع به لسلطة الجهة المختصة وفق ما تحدده الأنظمة والقوانين والقرارات المنظمة. في هذا الصدد.

وعليه فإن حكم مقابر الأجداد يختلف من حالة إلى أخرى. إذا كان موضع القبر للمتوفى ولم يسبق أن دفن فيه أحد، أو كان القبر معداً للبيع، فهو تركة للمتوفى ويعامل معاملة التركة، وللورثة الحق في ذلك. والتصرف فيها بكل الطرق، كل فيما يخصه. بحسب حصته المقررة له شرعاً، أما إذا كان مكان القبر مملوكاً للدولة، ثم خصصته للدفن منفعة وليس ملكية، فلا يكون ميراثاً من الميت؛ لأنها ليست مملوكة له أصلاً، وبالتالي ليس لورثته حق سوى المنفعة، والمناط بتحديد هؤلاء المنتفعين هي الجهة المسؤولة عن ذلك. أما إذا كان القبر للميت ودُفن فيه فهو وقف عليه حتى يبلى، وقد ثبت عند أهل العلم أن الوقف خارج عن ملكية صاحبه. ومن ثم فمن بعده لهم حق الانتفاع بها ولهم الحق في الدفن فيها، وأساس تحديد المنتفعين في ذلك الوقت هو العرف، وتنفيذ العرف والرجوع إليه في مثل هذه الأمور التي تمس العلاقات الاجتماعية أفضل. من إهمالها. لأنه الأنسب لحالة البلد والعباد، ويعتبر ذلك مراعاة للمكان والأشخاص، وما هو متعارف عليه في تحديد المستفيدين، أو ما يتم الاتفاق عليه بين نفس الأسرة أو الأسر المشتركة في هذا الأمر. اعتبار.